فصل: اخْتِلَافُ الشَّفيعِ وَالْمُشْتَرِي في صِفَةِ عَرَضِ ثَمَنِ شِقْصٍ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.اخْتِلَافُ الشَّفيعِ وَالْمُشْتَرِي في صِفَةِ عَرَضِ ثَمَنِ شِقْصٍ:

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْتُ شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ، فَمَضَى لِذَلِكَ زَمَانٌ وَالْعَرَضُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ عِنْدَ بَائِعِ الدَّارِ أَوْ مُسْتَهْلِكٍ، فَاخْتَلَفَ الشَّفيعُ وَالْمُشْتَرِي في قِيمَةِ الْعَرَضِ، أَيُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْعَرَضِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ الْيَوْمَ أَمْ لَا؟
قَالَ: إنَّمَا يُنْظَرُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ وَقَعَ الشِّرَاءُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ الْيَوْمَ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلِكًا؟
قَالَ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ.
قُلْت: فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنْ رَأْيِي أَنَّهُ مِثْلُ الْبُيُوعِ، أَنَّهُ إنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الشَّفيعِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَتَى أَيْضًا بِمَا لَا يُشْبِهُ، قِيلَ لِلَّذِي اسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي: صِفْ الْعَرَضَ وَيَحْلِفُ عَلَى الصِّفَةِ، ثُمَّ يَقُومُ عَلَى صِفَتِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ ثُمَّ يُقَالُ لِلشَّفيعِ: خُذْ أَوْ اُتْرُكْ.
قُلْت: فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ الْمُشْتَرِي عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَ؟
قَالَ: يُقَالُ لِلشَّفيعِ: صِفْ وَاحْلِفْ، فَإِذَا وَصَفَ وَحَلَفَ أَخَذَهَا بِقِيمَةِ تِلْكَ الصِّفَةِ وَهَذَا مِثْلُ الْبُيُوعِ.

.فيمَنْ اشْتَرَى شِقْصًا بِحِنْطَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ الْحِنْطَةُ:

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِحِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا فَاسْتُحِقَّتْ الْحِنْطَةُ، أَيَرْجِعُ بَائِعُ الشِّقْصِ فيأْخُذُ الشِّقْصَ، أَمْ يَأْخُذُ حِنْطَةً مِثْلَ الْحِنْطَةِ الَّتِي اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ، وَهَلْ فيهِ شُفْعَةٌ؟
قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ في هَذَا بِعَيْنِهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى حِنْطَةً بِعَيْنِهَا فَاسْتُحِقَّتْ الْحِنْطَةُ، لَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِ الْحِنْطَةِ أَنْ يَأْتِيَ بِحِنْطَةٍ مِثْلِهَا عِنْدَ مَالِكٍ.
فَأَرَى في مَسْأَلَتِك إنْ أَخَذَهَا الشَّفيعُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحَقَّ الطَّعَامُ لَمْ يُرَدَّ الْبَيْعُ وَيَغْرَمُ لَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا اُسْتُحِقَّ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفيعُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفيعِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي الدَّارَ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فيسْتَحَقُّ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الشَّفيعُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ،؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ وَتُرَدُّ الدَّارُ إلَى صَاحِبِهَا وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَلَوْ أُخِذَتْ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ بِقِيمَةِ الدَّارِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الشَّفيعِ مَا أَخَذَ.
قَالَ: وَاشْتِرَاءُ الطَّعَامِ بِالدَّرَاهِمِ وَبِالدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ إذَا اسْتَحَقَّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالدَّنَانِيرِ، وَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا وَالدَّارُ عِنْدِي بِمَنْزِلَتِهِ.

.فيمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ الشَّفيعُ أَنْ يَأْخُذَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ:

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَقَرَّ الْبَائِعَ بِالْبَيْعِ وَجَحَدَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ وَقَالَ: لَمْ أَشْتَرِ مِنْك شَيْئًا، ثُمَّ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا الْبَيْعَ، فَقَامَ الشَّفيعُ فَقَالَ: أَنَا آخُذُ الشُّفْعَةَ بِمَا أَقْرَرْت لِي أَيُّهَا الْبَائِعُ؟
قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى فيهِ شُفْعَةً؛ لِأَنَّ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى فَلَا شُفْعَةَ لَهُ.

.مَا جَاءَ فيمَنْ بَاعَ عَبْدًا بِشِقْصٍ وَدَرَاهِمَ ثُمَّ جَاءَ الشَّفيعُ لِيَأْخُذَ الشِّقْصَ:

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ عَبْدَهُ بِشِقْصٍ مِنْ دَارٍ وَبِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَتَى الشَّفيعُ لِيَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَبِكَمْ يَأْخُذُهَا الشَّفيعُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: يَأْخُذُهَا الشَّفيعُ - في قَوْلِ مَالِكٍ - بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْعَبْدِ هُوَ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ، يُقَسَّمُ عَلَى ثَمَنِ الشِّقْصِ وَهُوَ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى الْأَلْفِ دِرْهَمٍ، فيصِيرُ نِصْفٌ هَهُنَا وَنِصْفٌ هَهُنَا.
فيأْخُذُ الشَّفيعُ الشِّقْصَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ.

.بَابُ مَا لَا شُفْعَةَ فيهِ مِنْ السِّلَعِ:

قُلْت: أَرَأَيْت سَفينَةً بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ، أَوْ خَادِمًا بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ، بِعْت حِصَّتِي مِنْ ذَلِكَ، أَيَكُونُ شَرِيكِي أَوْلَى بِذَلِكَ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ شَرِيكُكَ أَوْلَى بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ، إنَّمَا يُقَالُ لِشَرِيكِكَ بِعْ مَعَهُ أَوْ خُذْ بِمَا يُعْطِي.
فَأَمَّا إذَا بَاعَ وَرَضِيَ أَنْ يَبِيعَ وَحْدَهُ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ فيهِ شُفْعَةٌ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

.الشُّفْعَةُ في الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ:

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ أَرْضًا بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ، وَنَخْلًا وَعَيْنًا لِهَذِهِ الْأَرْضِ، وَهَذِهِ النَّخْلِ، فَقَاسَمْتُ شَرِيكِي في النَّخْلِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ بِعْت حِصَّتِي مَنْ الْعَيْنِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِكَ فيمَا بِعْت مِنْ الْعَيْنِ.
قُلْت: فَإِنْ هُوَ لَمْ يُقَاسِمْهُ النَّخْلَ وَالْأَرْضَ، وَلَكِنَّهُ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَلَمْ يَبِعْ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَرْضِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ في الْعَيْنِ مَا دَامَتْ الشَّرِكَةُ في الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ.
قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: أَرَأَيْت الْحَدِيثَ الَّذِي جَاءَ «لَا شُفْعَةَ في بِئْرٍ» مَا هُوَ؟
قَالَ: هُوَ إذَا قَسَّمَ أَصْحَابُهُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ ثُمَّ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا الَّذِي جَاءَ فيهِ الْحَدِيثُ «لَا شُفْعَةَ في بِئْرٍ».
قَالَ: وَإِنْ هُوَ لَمْ يُقَسِّمْ كَانَتْ فيهِ الشُّفْعَةُ، بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالْبِئْرِ، أَوْ بَاعَ الْعَيْنَ أَوْ الْبِئْرَ وَحْدَهَا فَفيهَا الشُّفْعَةُ.
قُلْت: أَرَأَيْت الْعَيْنَ هَلْ يُقَسَّمُ في قَوْلِ مَالِكٍ شُرْبُهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ يُقَسَّمُ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ فَزَرَعْتهَا أَوْ غَرَسْتهَا فَأَتَى الشَّفيعُ لِيَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، وَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ.
قُلْت: فَهَلْ يَكُونُ لِلشَّفيعِ مَنْ الْكِرَاءِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَكُونَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْءٌ.
قُلْت: فَإِذَا كَانَ قَدْ غَرَسَهَا نَخْلًا أَوْ شَجَرًا؟
قَالَ: إذَا غَرَسَهَا نَخْلًا أَوْ شَجَرًا، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلشَّفيعِ إنْ شِئْت فَخُذْهَا وَاغْرَمْ قِيمَةَ مَا فيهَا مِنْ الْغَرْسِ قَائِمًا، فَإِنْ أَبَى لَمْ تَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ أَرْضٌ وَنَخْلٌ، فَاقْتَسَمَا النَّخْلَ وَتَرَكَا الْأَرْضَ لَمْ يَقْتَسِمَاهَا، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مَا صَارَ لَهُ مَنْ النَّخْلِ، أَتَكُونُ لِشَرِيكِهِ فيهَا الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟
قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ في النَّخْلَةِ تَكُونُ لِلرَّجُلِ في حَائِطِ الرَّجُلِ، فيبِيعُهُمَا، أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِرَبِّ الْحَائِطِ وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا قُسِمَ عِنْدَ مَالِكٍ فَلَا شُفْعَةَ فيهِ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت أَرْضًا مِنْ رَجُلٍ بِزَرْعِهَا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُ الزَّرْعِ بِمِائَةِ دِينَارٍ.
فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ فَطَلَبَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، كَيْفَ يَصْنَعُ فيمَا بَيْنَهُمَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ.
بَطَلَ الْبَيْعُ في النِّصْفِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ هَذَا الْمُسْتَحِقُّ فيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي في الْأَرْضِ وَفي الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الزَّرْعِ الَّذِي صَارَ في نِصْفِ الْأَرْضِ الَّتِي اُسْتُحِقَّتْ، صَارَ بَيْعَ الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، فيرْجِعُ ذَلِكَ النِّصْفُ مِنْ الزَّرْعِ إلَى بَائِعِ الْأَرْضِ وَيُرَدُّ عَلَى مُشْتَرِي الْأَرْضِ نِصْفُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْأَرْضِ وَنِصْفَ الزَّرْعِ قَدْ بَطَلَ الْبَيْعُ فيهِمَا وَبَقِيَ نِصْفُ الزَّرْعِ وَنِصْفُ الْأَرْضِ، وَالْبَيْعُ فيهِمَا صَحِيحٌ.
ثُمَّ يَبْدَأُ بِالشَّفيعِ فيخَيَّرُ في الشُّفْعَةِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ في نِصْفِ الْأَرْضِ، وَلَيْسَ لَهُ في نِصْفِ الزَّرْعِ شُفْعَةٌ.
قَالَ: وَإِنْ تَرَكَ الْمُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَمَاسَكَ بِمَا بَقِيَ في يَدَيْهِ مِنْ نِصْفِ الْأَرْضِ وَنِصْفِ الزَّرْعِ، وَرَجَعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي اُسْتُحِقَّ.
وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّ مِنْهَا مَا لَهُ الْبَالُ وَالْقَدْرُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَضَرَّةِ، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ إنْ شَاءَ وَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.
قُلْت: وَلِمَ بَدَأْت الشَّفيعَ بِالْخِيَارِ في الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ: أَنَا لَا أُرِيدُ التَّمَاسُكَ وَأَنَا أُرِيدُ الرَّدَّ؛ لِأَنَّ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْهَا عَيْبٌ فيهَا شَدِيدٌ، فَأَنَا أُرِيدُ الرَّدَّ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لِلشَّفيعِ عَلَيَّ عُهْدَةٌ إذَا كَانَ لِي أَنْ أَرُدَّ؟
قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَلَهُ الشُّفْعَةُ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ في رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ حَائِطًا، فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ بَعْضَ الْحَائِطِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَفيهِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَدْفَعُ الشَّفيعُ إلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ في النَّخْلِ في سَقْيِهَا وَعِلَاجِهَا وَتَكُونُ لَهُ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْمَدَنِيِّينَ قَالُوا: إنَّ الثَّمَرَةَ لِلْمُشْتَرِي حِينَ لَمْ يُدْرِكْهُ الشَّفيعُ حَتَّى أُبِّرَتْ النَّخْلُ، فَقَالَ مَالِكٌ مَا أَخْبَرْتُك.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ مِثْلِهَا إذَا كَانَ زَرْعُ الْأَرْضِ لَمْ يَفُتْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فيهَا زَرْعٌ لَزَرَعَهَا الْمُسْتَحِقُّ، وَلَوْ كَانَ فيهَا زَرْعٌ وَقَدْ فَاتَتْ زِرَاعَةُ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ زَرَعَهَا وَهِيَ في يَدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ.
قُلْت: فَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهَا وَأَخَذَ الْبَقِيَّةَ بِالشُّفْعَةِ، أَيَكُونُ لَهُ فيمَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ كِرَاءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: أَمَّا حَقُّهُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ فَلَهُ فيهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا عَلَى مَا وَصَفْت لَك.
وَأَمَّا الَّذِي يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجِبْ لَهُ الْأَرْضُ إلَّا بَعْدَ مَا أَخَذَهَا وَقَدْ زَرَعَهَا صَاحِبُهَا قَبْلَ ذَلِكَ.
وَاَلَّذِي اسْتَحَقَّ قَدْ كَانَ وَجَبَ لَهُ قَبْلَ الزَّرْعِ، فَلَهُ فيهِ الْكِرَاءُ عَلَى مَا وَصَفْت لَك مَا لَمْ تَفُتْ الزِّرَاعَةُ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت أَرْضًا مِنْ رَجُلٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلِلْبَائِعِ في الْأَرْضِ زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، ثُمَّ اشْتَرَيْت الزَّرْعَ أَيْضًا في صَفْقَةٍ أُخْرَى بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا؟
قَالَ: إذَا اسْتَحَقَّ الرَّجُلُ الْأَرْضَ كُلَّهَا بَطَلَ شِرَاءُ الْمُشْتَرِي في الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الزَّرْعَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ، فيشْتَرِي الزَّرْعَ بَعْدَهَا أَوْ يَشْتَرِي الْأَرْضَ وَالزَّرْعَ جَمِيعًا مَعًا فيجُوزُ ذَلِكَ.
فَأَمَّا إذَا اشْتَرَى الزَّرْعَ مَعَ الْأَرْضِ أَوْ بَعْدَ الْأَرْضِ في صَفْقَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ، بَطَلَ الْبَيْعُ في الزَّرْعِ وَرَجَعَ الزَّرْعُ إلَى الْبَائِعِ.
قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت الْأَرْضَ في صَفْقَةٍ وَالزَّرْعَ في صَفْقَةٍ أُخْرَى، أَوْ اشْتَرَيْت الْأَرْضَ وَالزَّرْعَ جَمِيعًا في صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَبِعْت الْأَرْضَ وَبَقِيَ الزَّرْعُ في يَدَيَّ، أَيَبْطُلُ الشِّرَاءُ في الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَبْطُلُ الِاشْتِرَاءُ فيهِ؛ لِأَنَّكَ قَدْ صِرْت فيهِ بِمَنْزِلَةِ رَبِّ الْأَرْضِ إذَا زَرَعَ أَرْضَهُ ثُمَّ بَاعَ أَرْضَهُ وَتَرَكَ زَرْعَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ هَهُنَا لَمْ يَسْتَحِقَّهَا مُسْتَحِقٌّ فيبْطُلُ شِرَاؤُكَ في الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ بِعْت الْأَرْضَ، وَشِرَاؤُك إيَّاهَا صَحِيحٌ، فَمِنْ هَهُنَا جَازَ لَك شِرَاءُ الزَّرْعِ وَطَابَ.
قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.

.مَا جَاءَ في الشُّفْعَةِ في الثَّمَرَةِ:

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى نَخْلًا وَفي النَّخْلِ طَلْعٌ لَمْ يُؤَبَّرْ، فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهُ وَطَلَبَ النِّصْفَ الْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ؟
فَقَالَ: إنْ أَتَى الشَّفيعُ يَوْمَ بَاعَ الْبَائِعُ، أَخَذَ النِّصْفَ الَّذِي اسْتَحَقَّ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَأَخَذَ النِّصْفَ الْبَاقِي بِشُفْعَتِهِ إنْ أَحَبَّ بِمَا فيهَا.
قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَأْتِ حَتَّى عَمِلَ الْمُشْتَرِي في النَّخْلِ وَسَقَى وَأُبِّرَتْ النَّخْلُ وَصَارَتْ بَلَحًا؟
قَالَ: يُقَالُ لِلشَّفيعِ: خُذْ النِّصْفَ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَخُذْ النِّصْفَ الْبَاقِي إنْ شِئْت بِالشُّفْعَةِ وَاغْرَمْ لِلْمُشْتَرِي عَمَلَهُ فيمَا سَقَى وَعَالَجَ في جَمِيعِ ذَلِكَ فيمَا اسْتَحْقَقْتَهُ وَفيمَا أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، كَانَ لَهُ نِصْفُ الْحَائِطِ وَنِصْفُ الثَّمَرَةِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ مَا عَمِلَ الْمُشْتَرِي وَسَقَى إنْ كَانَ لَهُ فيهِ عَمَلٌ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَغْرَمَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ مَا اسْتَحَقَّ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ.
قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَأْتِ هَذَا الْمُسْتَحِقُّ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا بَعْدَمَا أَزْهَى هَذَا الطَّلْعُ؟
قَالَ: يَأْخُذُ نِصْفَ النَّخْلِ وَنِصْفَ الثَّمَرَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَيَغْرَمُ نِصْفَ الْعَمَلِ كَمَا وَصَفْت لَك، وَيَأْخُذُ النِّصْفَ الْبَاقِي إنْ أَحَبَّ بِالشُّفْعَةِ بِنِصْفِ ثَمَنِ الْجَمِيعِ، وَتَكُونُ لَهُ ثَمَرَةُ هَذَا النِّصْفِ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ إذَا أَزْهَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ تَيْبَسَ، فَإِذَا يَبِسَتْ فَلَا حَقَّ لِلشَّفيعِ فيهِمَا.
وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلَيْنِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا الثَّمَرَةُ: إنَّ أَحَدَهُمَا إنْ بَاعَ حَظَّهُ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ أَزْهَتْ، أَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَتَسْتَجِدَّ، فَإِذَا يَبِسَتْ وَاسْتَجَدَّتْ فَبَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فيهَا، فَمَسْأَلَتُكَ عِنْدِي مِثْلُهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاَلَّذِي يَشْتَرِي النَّخْلَ ثُمَّ يَسْقِيهَا حَتَّى تُثْمِرَ ثُمَّ يُفْلِسُ وَفي النَّخْلِ ثَمَرَةٌ، أَنَّ الْبَائِعَ أَحَقُّ بِالنَّخْلِ وَبِالثَّمَرَةِ مَا لَمْ تُجَدُّ الثَّمَرَةُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَدْفَعُوا إلَيْهِ الثَّمَنَ وَيَكُونَ لَهُمْ النَّخْلُ وَالثَّمَرَةُ، وَهَذَا عِنْدِي مُخَالِفٌ لِلشُّفْعَةِ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى نَخْلًا وَفي النَّخْلِ ثَمَرٌ قَدْ أَزْهَى وَحَلَّ بَيْعُهُ، فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ تِلْكَ النَّخْلِ؟
فَقَالَ: يَأْخُذُ نِصْفَ تِلْكَ النَّخْلِ وَمَا فيهَا مِنْ الثَّمَرَةِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَيَغْرَمُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي نِصْفَ قِيمَةِ مَا عَمِلَ إنْ كَانَ عَالَجَ شَيْئًا في ذَلِكَ وَسَقَى.
قُلْت: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةَ جَمِيعًا؟
قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في قَوْمٍ شُرَكَاءَ في ثَمَرَةٍ كَانَ لَهُمْ الْأَصْلُ أَوْ كَانَتْ النَّخْلُ في أَيْدِيهِمْ مُسَاقَاةً، أَوْ كَانَتْ نَخْلًا حَبْسًا عَلَى قَوْمٍ فَأَثْمَرَتْ هَذِهِ النَّخْلُ وَحَلَّ بَيْعُهَا، فَبَاعَ أَحَدٌ مِمَّنْ سَمَّيْت لَك مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ أَوْ أَحَدٌ مِنْ الْمُسَاقِينَ أَوْ مِمَّنْ كَانَتْ النَّخْلُ بَيْنَهُمْ، فَبَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَمْ يَبِعْ الرِّقَابَ، فَإِنَّ شُرَكَاءَهُ في الثَّمَرَةِ - كَانَ لَهُمْ الْأَصْلُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ الْأَصْلُ - يَأْخُذُونَ الَّذِي بَاعَ شَرِيكُهُمْ في الثَّمَرَةِ بِالشُّفْعَةِ بِمَا بَاعَ بِهِ، فَلِذَلِكَ رَأَيْت لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةَ جَمِيعًا بِالشُّفْعَةِ.
وَإِنْ كَانَتْ الشُّفْعَةُ إنَّمَا هِيَ بَعْدَمَا أَزْهَتْ الثَّمَرَةُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ وَحْدَهَا بِغَيْرِ أَصْلٍ كَانَ هَذَا الَّذِي اسْتَحَقَّ نِصْفَ النَّخْلِ شَفيعًا في الثَّمَرَةِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ هُنَاكَ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ في الْحَائِطِ إذَا اشْتَرَاهُ رَجُلٌ وَلَا ثَمَرَةَ فيهِ، فَفَلِسَ مُشْتَرِي الْحَائِطِ وَفيهِ ثَمَرٌ قَدْ طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ: إنَّ الثَّمَرَةَ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ مَا دَامَتْ في رُءُوسِ النَّخْلِ وَإِنْ أَزْهَتْ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ الْغُرَمَاءُ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى هَذِهِ النَّخْلَ وَفيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ أُبِّرَتْ وَلَمْ تَزْهُ، فَاسْتَثْنَاهَا الْبَائِعُ ثُمَّ أَزْهَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَامَ الْغُرَمَاءُ؟
قَالَ: فَلَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ في الثَّمَرَةِ وَلَا في النَّخْلِ، وَيُقَالُ لِلْبَائِعِ خُذْ حَائِطَكَ بِثَمَرَتِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَدْفَعُوا إلَيْك الثَّمَنَ الَّذِي بِعْت بِهِ، فيكُونُوا أَوْلَى بِالنَّخْلِ وَبِثَمَرَتِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَى أَرْضًا وَفيهَا زَرْعٌ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ، اشْتَرَى الْأَرْضَ وَالزَّرْعَ جَمِيعًا، فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ فَأَخَذَهَا، أَتَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ في النِّصْفِ الْآخَرِ في الزَّرْعِ وَالْأَرْضِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الشَّرِيكَيْنِ في الزَّرْعِ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بَعْدَمَا يَيْبَسُ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ: إنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ في الزَّرْعِ إذَا حَلَّ بَيْعُهُ.
قُلْت: فَلِمَ قَالَ مَالِكٌ في الثَّمَرَةِ إذَا طَابَتْ فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنْ النَّخْلِ، إنَّ فيهَا الشُّفْعَةَ؟
قَالَ: لَا أَدْرِي، إلَّا أَنَّ مَالِكًا كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَيَقُولُ: إنَّهُ لِشَيْءٍ مَا عَلِمْت أَنَّهُ قَالَهُ في الثَّمَرَةِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلِي أَنَّ فيهَا الشُّفْعَةَ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ اسْتَحْسَنْته وَرَأَيْته، فَأَرَى أَنْ يُعْمَلَ بِهِ وَقَالَ: الزَّرْعُ عِنْدِي لَا يُشْبِهُ الثَّمَرَةَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي عَنْهُ وَهُوَ رَأْيِي أَنَّهُ قَالَ: مَا بِيعَ مِنْ الثِّمَارِ مِمَّا فيهِ الشُّفْعَةُ مِثْلِ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالثِّمَارِ كُلِّهَا سِوَى الزَّرْعِ مِمَّا يَيْبَسُ في شَجَرِهِ، فَبَاعَ نَصِيبَهُ إذَا يَبِسَتْ وَاسْتَجَدَّتْ، فَلَا شُفْعَةَ في ذَلِكَ مِثْلَ الزَّرْعِ.
وَذَلِكَ أَنْ مَا بِيعَ مِنْ الثِّمَارِ بَعْدَمَا يَبِسَ وَاسْتَجَدَّ فَلَا جَائِحَةَ فيهِ، وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ لَا جَائِحَةَ فيهِ وَأَمْرُهُمَا وَاحِدٌ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت نَخْلًا فَأَكَلْت ثَمَرَتَهَا سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَ الشَّفيعُ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ؟
فَقَالَ: إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا وَلَيْسَ فيهَا ثَمَرَةٌ يَوْمَ اشْتَرَاهَا، ثُمَّ أَثْمَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَكَلَهَا سِنِينَ، فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا شَيْءَ لِلشَّفيعِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّفيعَ إنَّمَا صَارَ لَهُ النَّخْلُ السَّاعَةَ حِينَ أَخَذَهَا، فَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّا أَثْمَرَتْ النَّخْلُ وَهِيَ غَيْرُ مِلْكِ الشَّفيعِ فَلَا شَيْءَ لِلشَّفيعِ مِنْ ذَلِكَ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى النَّخْلَ وَفي رُءُوسِ النَّخْلِ ثَمَرَةٌ يَوْمَ اشْتَرَاهَا؟
قَالَ: قَدْ وَصَفْت لَك ذَلِكَ، إنْ كَانَتْ لَمْ تَزْهُ فَأَزْهَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، أَخَذَ الشَّفيعُ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى النَّخْلَ وَفيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ طَابَتْ وَحَلَّ بَيْعُهَا فَلَمْ يَأْخُذْ الشَّفيعُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى صَرَمَ الْمُشْتَرِي النَّخْلَ، فَإِنَّ الثَّمَنَ يُقَسَّمُ عَلَى قِيمَةِ النَّخْلِ وَعَلَى قِيمَةِ الثَّمَرَةِ يَوْمَ وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ، فيأْخُذُ الشَّفيعُ بِالشُّفْعَةِ النَّخْلَ بِمَا أَصَابَ النَّخْلَ مِنْ الثَّمَنِ، وَيُوضَعُ عَنْ الشَّفيعِ مَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ حِينَ وَقَعَتْ وَقَعَ لِلثَّمَرَةِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْت: فَإِنْ أَدْرَكَ الشَّفيعُ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةَ قَبْلَ أَنْ يَجِدَّهَا الْمُشْتَرِي، وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا أَزْهَتْ وَطَابَتْ؟
قَالَ: يَأْخُذُ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةَ جَمِيعًا عِنْدَ مَالِكٍ بِالشُّفْعَةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ أَدْرَكَ الشَّفيعُ النَّخْلَ وَفيهَا ثَمَرَتُهَا لَمْ تَزْهُ بَعْدُ أَخَذَ الشَّفيعُ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةَ بِالثَّمَنِ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت أَرْضًا وَنَخْلًا وَأَكْرَيْت الْأَرْضُ وَأَثْمَرَتْ النَّخْلُ عِنْدِي، فَأَكَلْت ذَلِكَ فَأَرَدْت أَنْ أَبِيعَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ مُرَابَحَةً؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ: إذَا حَالَتْ أَسْوَاقُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً حِينَ يَبِينُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ في زَمَانِ كَذَا وَكَذَا، فَأَرَى الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ عِنْدِي بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ.

.فيمَنْ اشْتَرَى وَدِيًّا فَصَارَ نَخْلًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِالشُّفْعَةِ:

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى نَخْلًا صِغَارًا وَدِيًّا، فَلَمْ يَأْتِ الشَّفيعُ لِيَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى صَارَ نَخْلًا كِبَارًا بَوَاسِقَ، فَجَاءَ الشَّفيعُ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ؟
قَالَ: يَغْرَمُ قِيمَةَ مَا عَمَل الْمُشْتَرِي، وَيَأْخُذُ الشَّفيعُ النَّخْلَ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ كَبُرَتْ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَى أَرْضًا وَزَرْعًا صَفْقَةً وَاحِدَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، ثُمَّ جَاءَ الشَّفيعُ فَاسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ بَعْدَمَا طَابَ الزَّرْعُ، أَيَكُونُ لِلشَّفيعِ في الزَّرْعِ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا شُفْعَةَ لَهُ في الزَّرْعِ.
قُلْت: فَبِمَ يَأْخُذُ الشَّفيعُ الْأَرْضَ، أَبِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَمْ يُوضَعُ عَنْ الشَّفيعِ لِلزَّرْعِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ وَقَعَ لِلزَّرْعِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ في الصَّفْقَةِ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَدْ وَقَعَ لِلزَّرْعِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، فيقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الزَّرْعِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، ثُمَّ يُوضَعُ عَنْ الشَّفيعِ مَا أَصَابَ الزَّرْعَ مِنْ الثَّمَنِ وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ بِمَا أَصَابَهَا مِنْ الثَّمَنِ.
قُلْت: وَلِمَ كَانَ هَذَا في الزَّرْعِ هَكَذَا، وَقَدْ قُلْت في الطَّلْعِ إنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ الشَّفيعُ الشُّفْعَةَ في النَّخْلِ وَقَدْ انْتَقَلَ الطَّلْعُ إلَى حَالِ الْإِثْمَارِ وَالْيُبْسِ، أَنَّهُ يَأْخُذُ النَّخْلَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يُوضَعُ عَنْ الشَّفيعِ لِلثَّمَرَةِ شَيْءٌ، وَلَا حِصَّةَ لِلثَّمَرَةِ مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ؟
قَالَ: لِأَنَّ الثَّمَرَةَ حَبَلٌ مَا كَانَتْ في رُءُوسِ النَّخْلِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ النَّخْلَ لَوْ بَاعَهَا بَائِعٌ وَفيهَا طَلْعٌ لَمْ يُؤَبَّرْ فَاسْتَثْنَى الْبَائِعُ الطَّلْعَ لَمْ يَجُزْ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَإِنْ بَاعَ أَرْضًا وَفيهَا زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ كَانَ الزَّرْعُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي؟ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا.
قُلْت: فَإِنَّ النَّخْلَ إذَا أُبِّرَتْ فَبَاعَهَا رَبُّهَا فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ، فَقَدْ صَارَ لِلثَّمَرَةِ بَعْدَ الْإِبَارِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا جَاءَ الشَّفيعُ فَاسْتَحَقَّ بِالشُّفْعَةِ وَقَدْ انْتَقَلَتْ الثَّمَرَةُ إلَى حَالِ الْيُبْسِ وَالْإِثْمَارِ، فَلِمَ لَا تَجْعَلُ لِلثَّمَرَةِ حِصَّةً كَمَا جَعَلْت لِلزَّرْعِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ، وَلِأَنَّ الْأَرْضَ قَدْ يَبِيعُهَا صَاحِبُهَا وَيَبْقَى الزَّرْعُ لِصَاحِبِهَا، فَكَذَلِكَ النَّخْلُ إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ قَدْ أُبِّرَتْ، فَإِنَّ صَاحِبَهَا يَبِيعُهَا وَتَكُونُ الثَّمَرَةُ لَهُ، فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ؟
قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ في الشَّفيعِ إذَا جَاءَ لِيَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَقَدْ أُبِّرَتْ النَّخْلُ: إنَّهُ يَدْفَعُ إلَى الْمُشْتَرِي مَا أَنْفَقَ في السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ وَيَأْخُذُ الثَّمَرَةَ بِالشُّفْعَةِ.
قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَك أَيْضًا فَرْقَ مَا بَيْنَهُمَا، أَنَّ الثَّمَرَةَ نِصْفُهَا لِلْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ وَأَنَّ الزَّرْعَ لَيْسَ لِلْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ وِلَادَةٌ وَلَيْسَ الزَّرْعُ بِوِلَادَةٍ، فَهَذَا الَّذِي سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ.
وَبَلَغَنِي عَنْهُ قَالَ: وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى النَّخْلَ وَفيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ أُبِّرَتْ فَاسْتَثْنَى ثَمَرَتَهَا، ثُمَّ جَاءَ الشَّفيعُ لِيَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَقَدْ يَبِسَتْ الثَّمَرَةُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: يَأْخُذُ الثَّمَرَةَ وَيُعْطِي الْمُشْتَرِيَ قِيمَةَ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ.
إنَّمَا جَعَلْته يَأْخُذُ الثَّمَرَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ جَعَلْت لَهَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ، جَعَلْت الشَّفيعَ يَأْخُذُ النَّخْلَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَجَعَلْت لِلثَّمَرَةِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ، وَكَانَ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مَلْغِيٌّ وَتَبَعٌ لِلنَّخْلِ.
أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا لَهُ مَالٌ وَاشْتَرَطَ مَالَهُ، ثُمَّ أُصِيبَ الْمَالُ وَأَصَابَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا، رَدَّهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِلْمَالِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مَلْغِيٌّ وَتَبَعٌ وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ لَمَا رَجَعَ إذَا رُدَّ الْعَبْدُ بِالْعَيْبِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؟ فَهَذَا أَصَحُّ أَقَاوِيلِهِ.
قَالَ: الشَّفيعُ لَا يَأْخُذُ الثَّمَرَةَ، وَلَكِنْ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَرَةِ وَقِيمَةِ النَّخْلِ، فيوضَعُ عَنْ الشَّفيعِ مَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ مِنْ الثَّمَنِ.
وَيَأْخُذُ النَّخْلَ بِمَا أَصَابَهَا مِنْ الثَّمَنِ.
وَهَذَا وَالزَّرْعُ سَوَاءٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي قُلْت لَك: الْأَوَّلُ لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ إذَا يَبِسَتْ الثَّمَرَةُ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا اشْتَرَى النَّخْلُ - وَفيهَا طَلْعٌ لَمْ يُؤَبَّرْ أَوْ لَمْ يَكُنْ في النَّخْلِ ثَمَرَةٌ - فَهَذَا الَّذِي إذَا يَبِسَتْ الثَّمَرَةُ فَأَخَذَ الشَّفيعُ النَّخْلَ بِالشُّفْعَةِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَا يَكُونُ لِلثَّمَرَةِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الثَّمَرَةَ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْحَبَلِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ النَّخْلِ أَنْ يَبِيعَ النَّخْلَ وَيَسْتَثْنِي ذَلِكَ.

.كِتَابُ الشُّفْعَةِ الثَّانِي:

.الشفعة في الأرحاء:

قُلْت: أَرَأَيْت الرَّحَا - رَحَا الْمَاءِ - هَلْ فيهَا شُفْعَةٌ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ مَالِكٌ: لَا شُفْعَةَ في الْأَرْحِيَةِ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي نُصِبَ بَيْتُ الرَّحَا فيهَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، وَالنَّهْرُ يَخْرِقُ تِلْكَ الْأَرْضَ وَجَعَلَا الرَّحَا فيهِ؟
قَالَ: إذَا بَاعَ الْبَيْتَ مَعَ الرَّحَا وَالْأَرْضُ بَيْنُهُمَا، فَأَرَى في الْأَرْضِ وَالْبَيْتِ الشُّفْعَةَ، وَأَمَّا في الرَّحَا فَلَا شُفْعَةَ فيهَا.
قُلْت: وَلَا تَرَى الرَّحَا مِنْ الْبُنَيَّانِ؟
قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا شُفْعَةَ في رَحَا الْمَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا هِيَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ عَرْصَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نَصَبَا فيهَا رَحًى، فَكَانَا يَعْمَلَانِ فيهَا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْعَرْصَةِ مَعَ الرَّحَا، فَلَيْسَ في الرَّحَا شُفْعَةٌ وَلَيْسَ الرَّحَا مِنْ الْبُنْيَانِ، إنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ حَجَرٍ مُلْقًى في الدَّارِ.
قَالَ: فَالرَّحَا في الْأَرْضِ مَا كَانَ يَجُرُّهُ الْمَاءُ أَوْ الدَّوَابُّ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ لَا شُفْعَةَ فيهَا وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ في الْأَرْضِ.

.الشُّفْعَةُ في الْحَمَّامِ وَالْعَيْنِ وَالنَّهْرِ وَالْبِئْرِ:

قُلْت: أَرَأَيْت الْحَمَّامَ، هَلْ فيهِ شُفْعَةٌ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: أَرَأَيْت النَّهْرَ وَالْعَيْنَ وَالْبِئْرَ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ شِقْصًا مِنْهُ، هَلْ فيهِ شُفْعَةٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا أَرْضٌ لَمْ تُقَسَّمْ أَوْ يَبِيعُهَا وَأَرْضَهَا، فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ فيهِمَا جَمِيعًا في الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ وَالنَّهْرِ وَالْأَرْضِ.
فَإِنْ اشْتَرَى الْمَاءَ وَحْدَهُ وَلَا بَيَاضَ لَهُ مَعَهُ فَلَا شُفْعَةَ فيهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ: كُلُّ بِئْرٍ لَا بَيَاضَ مَعَهَا وَلَا نَخْلَ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُسْقَى بِهَا الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ فَلَا شُفْعَةَ فيهَا.
وَالنَّهْرُ وَالْعَيْنُ مِثْلُهَا، إنَّمَا يَكُونُ في ذَلِكَ كُلِّهِ الشُّفْعَةُ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَعَهَا، وَهَذَا لَمْ يَخْتَلِفْ فيهِ قَوْلُ مَالِكٍ قَطُّ.
قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ بِئْرًا كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَهَا بَيَاضٌ وَنَخْلٌ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْمَاءِ وَتَرَكَ نَصِيبَهُ مِنْ النَّخْلِ لَمْ يُقَاسِمْ صَاحِبَهُ النَّخْلَ، كَانَ شَرِيكُهُ في النَّخْلِ أَحَقَّ بِشُفْعَتِهِ في هَذَا الْمَاءِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ بَاعَ أَصْلَ الْمَاءِ إذَا كَانَتْ النَّخْلُ وَالْأَرْضُ لَمْ تُقَسَّمْ.
قُلْت: وَإِنْ اقْتَسَمُوا النَّخْلَ وَالْأَرْضَ ثُمَّ بَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ حَظَّهُ مِنْ الْمَاءِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَاءِ وَالنَّخْلِ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ فيهِ شُفْعَةٌ بَعْدَ أَنْ يُقَاسِمَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهَا بَيَاضٌ بِغَيْرِ نَخْلٍ كَانَ مِثْلَ مَا وَصَفْت لَك في النَّخْلِ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ قَدْ قُسِّمَ.

.فيمَنْ اشْتَرَى شِرْبًا فَغَار بَعْضُ الْمَاءِ:

قُلْت: هَلْ يَجُوزُ - في قَوْلِ مَالِكٍ - أَنْ أَشْتَرِيَ شِرْبَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ هَذَا النَّهْرِ لِأَسْقِيَ بِهِ زَرْعِي وَلَمْ أَشْتَرِ أَصْلَ الْمَاءِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ اشْتَرَى رَجُلٌ شِرْبَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ يَسْقِي بِهِ زَرْعَهُ في أَرْضِ نَفْسِهِ، فَغَارَ الْمَاءُ، فَعَلِمَ أَنَّ الَّذِي غَارَ مِنْ الْمَاءِ هُوَ ثُلُثُ الشِّرْبِ الَّذِي اشْتَرَى أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ أَدْنَى مِنْ الثُّلُثِ، إذَا كَانَ مَا غَارَ مِنْ الْمَاءِ يَضُرُّ بِهِ في سَقْيِهِ وَجَاءَ مِنْ نُقْصَانِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَنْهُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى الثُّلُثِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى أَنَّ كُلَّ مَا كَثُرَ مِنْ الْمَاءِ حَتَّى قَطَعَ ذَلِكَ سَقْيَهُ وُضِعَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: مَا أُصِيبَ مِنْ الثِّمَارِ مِنْ قِبَلِ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، رَأَيْت أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ، وَلَمْ يَرَ مَا هَلَكَ مِنْ الْمَاءِ مِثْلَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مِنْ الْجَرَادِ وَالْبَرَدِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.
قَالَ: وَأَرَى الْمَاءَ مِنْ سَبَبِ مَا بَاعَ بِهِ الْبَائِعُ فَأَرَى أَنْ يُوضَعَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، فَكَذَلِكَ الْمَاءُ عِنْدِي إذَا أَتَى مِنْهُ مَا يَضُرُّهُ وَيَنْقَطِعُ عَنْهُ بَعْضُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي فَسَدَ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءَ التَّافِهَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا خَطْبَ لَهُ.

.مَا جَاءَ في الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْأَرْضَ وَفيهَا زَرْعٌ أَوْ نَخْلٌ لَمْ يَشْتَرِطْهُ:

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت أَرْضًا وَفيهَا زَرْعٌ وَلَمْ أَذْكُرْ الزَّرْعَ لِمَنْ يَكُونُ الزَّرْعُ؟
قَالَ: الزَّرْعُ زَرْعُ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ.
قُلْت: فَإِنْ اشْتَرَيْت أَرْضًا وَفيهَا نَخْلٌ وَلَمْ أَشْتَرِطْ النَّخْلَ وَلَمْ أَذْكُرْ النَّخْلَ عِنْدَ ابْتِيَاعِي إيَّاهُ، لِمَنْ تَكُونُ النَّخْلُ؟
قَالَ: إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ أَرْضًا وَفيهَا شَجَرٌ، فَالشَّجَرُ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ، فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ أَبِيعُك الْأَرْضَ بِغَيْرِ شَجَرٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اشْتَرَى الدَّارَ، كَانَ جَمِيعُ مَا في الدَّارِ مِنْ الْبُنْيَانِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يُسَمُّوا الْبُنْيَانَ في الشِّرَاءِ.
أَلَا تَرَى أَنْ لَوْ اشْتَرَى كَرْمًا، أَمَا كَانَ يَكُونُ لَهُ مَا فيهِ مِنْ الشَّجَرِ مِنْ رُمَّانَةٍ أَوْ تُفَّاحَةٍ أَوْ أُتْرُجَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ اشْتِرَاءُ الْأَرْضِ.
قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي، لِأَنِّي سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِأَصْلِ حَائِطٍ لَهُ، كَانَتْ الْأَرْضُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ، وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِأَرْضٍ وَفيهَا نَخْلٌ كَانَتْ النَّخْلُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ.
قَالَ مَالِكٌ: الْأَرْضُ مِنْ الْأَصْلِ وَالْأَصْلُ مِنْ الْأَرْضِ فَكَذَلِكَ الْبَيْعُ.

.فيمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا بِعَبْدٍ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ ثُمَّ أَتَى الشَّفيعُ:

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت أَرْضًا بِعَبْدٍ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ مِنْ يَوْمِي أَوْ مَنْ الْغَدِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ أَسْوَاقُ الْعَبْدِ، فَقَالَ مُشْتَرِي الْأَرْضُ أَنَا آخُذُ الْعَبْدَ وَأَرُدُّ الْبَيْعَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ.
قُلْت: فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ.
قُلْت: وَعَلَى مَنْ تَكُونُ عُهْدَةُ الشَّفيعِ؟
قَالَ: عَلَى الْمُشْتَرِي.
قُلْت: وَبِمَ يَأْخُذُ النِّصْفَ بِالشُّفْعَةِ؟
قَالَ: بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّى اشْتَرَيْت نَخْلًا لَهَا شَفيعٌ، أَوْ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ أَوْ شِقْصًا مَنْ دَارٍ، فَأَتَى الشَّفيعُ فَاكْتَرَى الْأَرْضَ مِنِّي أَوْ عَامَلَنِي في النَّخْلِ أَوْ اكْتَرَى الدَّارَ مِنِّي أَوْ سَاوَمَنِي بِجَمِيعِ ذَلِكَ لِيَبْتَاعَهُ مِنَى، ثُمَّ طَلَب بَعْدَ ذَلِكَ الشُّفْعَةَ، أَتَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الشَّفيعُ عَلَى الشُّفْعَةِ حَتَّى يَتْرُكَ أَوْ يَأْتِيَ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ تَارِكٌ لِلشُّفْعَةِ.
قَالَ فَقُلْت لِمَالِكٍ: فَالسِّتَّةُ الْأَشْهُرِ وَالتِّسْعَةُ الْأَشْهُرِ وَالسَّنَةُ؟
قَالَ: أَمَّا مَا هُوَ دُونَ السَّنَةِ فَلَمْ يَشُكَّ فيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: السَّنَةُ مَا هُوَ عِنْدِي بِالْكَثِيرِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى مَا سَأَلْت عَنْهُ مِنْ قَوْلِك أَنَّهُ اكْتَرَى مِنْهُ أَوْ سَاقَاهُ أَوْ سَاوَمَهُ بِذَلِكَ لِيَشْتَرِيَهُ، فَهَذَا تَسْلِيمٌ مِنْهُ لِشُفْعَتِهِ وَلَا أَرَى لَهُ فيهَا شُفْعَةً.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت نَخْلًا لِأَقْلَعَهَا، ثُمَّ أَشْتَرِي الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَقْرَرْت النَّخْلَ فيهَا، ثُمَّ أَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا وَأَرَادَ أَخْذَ مَا بَقِيَ بِالشُّفْعَةِ، فَقُلْت لَهُ إنَّمَا اشْتَرَيْت النَّخْلَ لِأَقْلَعَهَا، ثُمَّ اشْتَرَيْت الْأَرْضَ فَتَرَكْتهَا.
فَأَمَّا إذَا صِرْت تَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ فَخُذْ الْأَرْضَ، فَأَمَّا النَّخْلُ فَإِنِّي أَقْلَعُهَا؟
قَالَ: لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْلَعَ النَّخْلَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ قَدْ صَارَ شَرِيكًا لَهُ في جَمِيعِ النَّخْلِ، فَإِنْ رَضِيَ الشَّفيعُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ أَخَذَ جَمِيعَ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ، وَإِنْ أَبِي أَنْ يَأْخُذَ إلَّا حِصَّتَهُ الَّتِي اسْتَحَقَّ، كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْأَرْضِ وَنِصْفَ النَّخْلِ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ رَدَّ.
إذَا أَخَذَ الشَّفيعُ شُفْعَتَهُ في نِصْفِ الْأَرْضِ وَنِصْفِ النَّخْلِ، أَخَذَهُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ الْمُشْتَرِي.